Saturday, March 5, 2016

الرجل المجرم - النظرية والإسقاط على قراءة الوجه

سيزار لومبروزو (1835 - 1909) هو الطبيب والعالم الإيطالي الشهير والأب الروحي لعلم الأنثروبولوجيا الجنائية وعلم الجريمة Criminology (العلم الذي يهتم بدراسة سلوك المجرمين) وهو أول من حاول الربط بين الشكل الظاهر (البنية الجسدية والملامح الوجهية) للمجرم وطبيعة إجرامه بمنهج عملي وعلمي، ليضع بذلك نظريته المثيرة للجدل التي أطلق عليها أسم (نظرية الرجل المجرم)، وكذلك هو أول من استخدم جهاز كشف الكذب.

قام لومبروزو برحلة طويلة حول أنحاء إيطاليا لدراسة الاختلافات في تكوين البشر ومدى تأثيرها على سلوكهم، ثم أنضم لتنظيم عسكرى يهدف إلى تقديم المُجرمين للعدالة، ليبدأ بعد ذلك فى دراسة السمات الجسدية والوجهية للمجرمين متأثرًا في ذلك بمدرسة الفرينولوجيا التي كانت ذائعة الصيت في هذا الوقت، ولقد عكف لومبروزو على فحص وتشريح من يتم الحكم عليهم بالإعدام لدراسة طبيعة الأعضاء الداخلية لديهم، وعلى هذا فلقد أجرى لومبروزو العديد من الفحوصات لأكثر من 383 جمجمة لمجرمين موتى، وحوالي 600 مجرم على قيد الحياة.
وحتى الآن لا يزال متحف لومبروزو للأنثروبولوجيا الجنائية قائمًا في ايطاليا، ويحتوي المتحف على العديد من الجماجم والرؤوس المحنطة المكسوة بالشمع لجنود ومجانين ومجرمين ومدنيين من غير الأسوياء نفسيا الذين قام لومبروزو بفحصهم وتشريحهم في دراساته وأبحاثه، وكذلك يحتوي المتحف على العديد من الهياكل العظمية الكاملة وصور للتشريح وأدوات قديمة وأسلحة تم إستخدامها فعلياً في الجرائم، بالإضافة الى رأس لومبروزو ذاته محنطًا!!

وقد مرت نظرية (الرجل المجرم) بعدة مراحل لتطورها، ففي البداية قام لومبروزو بالربط بين الإجرام من جهة وبين التخلف أو التشوه العضوي أو الخلقي لدى المجرم من جهة اخرى، ثم درس لومبروزو لهجة المجرمين وأسباب انتحارهم، وقام بتحليل ظاهرة الجريمة على أساس العمر والجنس والمناخ والغذاء والفقر، ثم عاد لومبروزو إلى رأيه السابق وهو أن المجرم الرجعي أو الهمجي مصاب بالجنون الأخلاقي والذي يعود به إلى أصل البشر البدائي، ثم في آخر مراحل تطور النظرية قام لومبروزو بدراسة السمات الإجرامية بالتفصيل، وفصل صفات أنواع مختلفة من المجرمين مبنية على حسب اختلاف خصائصهم عن الشخص الطبيعي ووفقاً للطبقة التي ينتمون إليها، وفي هذه المرحلة من الدراسات أقر لومبروزو أن أسباب الجريمة ليست فقط بيولوجية (شكل البنية الجسدية والملامح الوجهية) ولكن تتعداها إلى العديد من النواحي البيئية والمجتمعية والثقافية المختلفة، ولكنه لم يهتم كثيرا بالبحث والتقصي في هذا الأمر.
واستخلص لومبروزو من دراسته مجموعة من الصفات يرى انها تشبه صفات الحيوانات البدائية، والتى تعود للإنسان غير المتطور، وقال بأن توفر خمس صفات أو أكثر من هذه الصفات يجعل الفرد خاضعًا للنمط الإجرامى التام، وإذا توفر لديه ثلاث منها يكون من النمط الإجرامى الناقص، وإذا قلت هذه الصفات عن ثلاث فليس من الضرورى اعتباره مجرما، وهذه الصفات لاتكون سببًا فى الجريمة بقدر ماتعنى ارتداد صاحبها إلى النمط المتوحش البدائى، وبعض هذه الصفات يرتبط بالبنية الجسدية، وبعضها له علاقة بالملامح الوجهية، والأخرى له علاقة بالميول النفسية والعادات الشخصية والأخلاقية المكتسبة، وفيما يلى عرض لعدد من هذه الصفات مع توضيح لمدلول الصفات التي لها علاقة بالملامح الوجهيية في علوم قراءة الوجه الغربية الحديثة:

الصفات الجسدية للمجرمين:
  • طول أو قصر غير اعتيادي، أكتاف منحدرة مع صدر واسع، أذرع طويلة، أصابع مستدقة، أن يكون الشخص أعسرًا.
الصفات النفسية والأخلاقية للمجرمين:
  • ضعف الإحساس بالألم, قساوة القلب, الغرور، فقدان الشعور بالخجل، تخلف الشعور بالشفقة، وشم الجسم بالرسومات الغريبة الأطوار واللاأخلاقية المنحطة.
الصفات الوجهية للمجرمين:
  • بعضها ليس له دلالة واضحة في قراءة الوجه (خط شعر متراجع، بثور في الجبهة والوجه، غزارة الشعر. .الخ)
وبعضها له دلالة في علوم قراءة الوجه:
  • عدم انتظام شكل الجمجمة والوجه: والذي يدل على التقلبات المزاجية.
  • رأس صغير ووجه كبير: والذي غالبا ما يدل على الثقة المفرطة بالنفس والإعتداد بها.
  • جبهة صغيرة ومنحدرة: والتي تدل على سرعة البديهة مع التفكير العملي البسيط والواقعي.
  • وجه وعر أو عميق التجاويف: والذي يدل على قدر عالٍ من تحمل ظروف الحياة القاسية، وكذلك يدل على قدر من الفظاظة.
  • آذان كبيرة ناتئة وبارزة: والذي يدل على الميل للإدخار والتملكية، وكذلك الإستقلال في التفكير والتصرف.
  • حواجب غزيرة تميل للالتقاء فوق الأنف: والتي تدل على قدر من الفظاظة والشدة في التعامل، مع ارتفاع القدرات الذهنية، وكثرة التفكير المتواصل (والذي يؤدي بالمرء غالبًا الى الأرق والغيرة والقلق . . الخ).
  • محاجر واسعة وعيون غائرة: والتي تدل على الجدية في التعامل، وكذلك الخصوصية الشديدة وربما الإنغلاق.
  • أنف شبيه بالمنقار: والذي يدل على الإهتمام بالقيم المادية أكثر من المعنوية، وكذلك الميل للقيادة، والإعتداد بالذات.
  • خط فك حاد: والذي يدل على العناد ومقاومة الضغوط والعدوانية.
  • شفاه ممتلئة، مع كون الشفة العليا أنحف: يدل على العطاء، وكذلك القوة على الإقناع.
  • أسنان قواطع كبيرة: والذي يدل على العناد والتشبث بالرأي.
  • ذقن صغير أو نحيف: والذي يدل على ضعف الإرادة وربما ضعف الشخصية وعدم القدرة على المواجهة.
  • ضيق الجبهة: والذي يدل على انعدام الصبر على المستوى الذهني.
  • ضخامة الفكين: والذي يدل على قوة التحمل الجسدي والتسلط والحزم والعدوانية والحدة.
  • بروز الوجنتين: والذي يدل على حب المغامرة والاثارة والمشاكسة والميل للمخاطرة أو المجازفة.
  • صغر حجم العينين بشكل كبير: والذي يدل على جفاف المشاعر والحدة وعدم التعبير عن العواطف أو اظهارها.
  • ضخامة الأنف: والذي يدل على قوة الشخصية والغلظة في التعامل والاستقلال بالذات.

نقد النظرية
تعرضت أفكار ونظريات سيزار لومبروزو إلى الكثير من الانتقادات للعديد من الأسباب لعل أهمها التالي:
  • بالغت النظرية في وضع خصائص وصفات بدنية ونفسية تميز المجرمين عن غير المجرمين. وأرجعت الجريمة لتوافر هذه العناصر لدى الشخص المجرم، والحقيقة انه يصعب عملياً الربط بين توافر هذه الخصائص الجسدية وبين الإقدام على ارتكاب الجريمة وذلك لان هذه الخصائص تمثل حالة ساكنة غير قادرة على إحداث نتيجة ملموسة في العالم الخارجي، كما أن إن الحالات التي ركز لومبروزو جهوده عليها في تجاربه لم يكن اصحابها من الكثرة بحيث يمكن استخلاص قانون عام يمكن تعميمه وتطبيقه على جميع الحالات الإجرامية، وهذا من الأخطاء التي وقع فيها لومبروزو في صياغة نظريته.
  • أدت النظرية إلى نتائج مبالغ فيها ولا يمكن التسليم بها كحقيقة علمية لان الصفات التي يقول بتوافرها لدى المجرمين قد توجد وبنفس الدرجة لدى غير المجرمين.
  • أغفلت النظرية أى دور تقوم به العوامل الخارجية المحيطة بالفرد في دفعه لارتكاب الجريمة وفسرت الجريمة بشكل أساسي إستناداً لخصائص جسدية أو نفسية تتعلق بالمجرم ذاته رغم أنه لا يمكن إنكار دور العوامل الخارجية المحيطة بالفرد في تكوين شخصيته وقد يكون منها شخصيته الإجرامية.
  • عدم صحة ما قالت به النظرية من تشبيه المجرم بالإنسان البدائي لان لومبروزو لم يدرس تاريخ البشرية حتى تكون لديه أفكار صحيحة عن الإنسان البدائي، كما لم يستطع العلم رسم صورة دقيقة لما كان عليه الإنسان البدائي، وبالطبع لا يمكن قبول فكرة أن كل إنسان بدائي ارتكب جريمة وبالتالي فكل إنسان بدائي مجرم.
  • اعتبار بعض المظاهر التي يحدثها أي إنسان فضلاً عن الإنسان المجرم علامة على كون محدثها مجرماً، وذلك من قبيل إحداث الوشم وتحمل الألم لأجله، فهذا دليل - حسب قول لومبروزو - على عدم الإحساس بالألم، وبالتالي فإن عدم الإحساس بالألم من صفات المجرمين. وأيضا استخدام اليد اليسرى علامة على السلوك الإجرامي.
  • أن التسليم بفكرة المجرم بالميلاد تهدم مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص)، والمعروف أن فكرة الجريمة نسبية تختلف باختلاف المكان والزمان ويصعب ربطها بصفات جسدية ثابتة لدى المجرمين.

تابعني على . .
  Secrets Of The Face  - On Facebook Secrets Of The Face - On Google Plus Secrets Of The Face - on Twitter Secrets Of The Face - On Youtube Contact Ahmed Reyad Secrets Of The Face - On Instagram Secrets Of The Face - On Pinterest

No comments:

Post a Comment